كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ وَلَوْ قُتِلَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَوَجَبَ مَالٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ فَإِنْ اُقْتُصَّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي الْوَارِثُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ وَإِلَّا فَيَسْتَقِلُّ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَارِثِ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ قُتِلَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَاقْتَصَّ الْوَارِثُ مِنْ قَاتِلِهِ انْتَهَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَبَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ بِعَفْوٍ أَوْ بِجَنَابَةِ تَوْجِيهٍ اُشْتُرِيَ بِهِ مِثْلُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ، وَلَوْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَالْأَرْشُ لِلْوَارِثِ وَإِنْ جَنَى عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ إنْ لَمْ يَفْدِيَاهُ فَإِذَا زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ اُشْتُرِيَ فِي الزَّائِدِ مِثْلُهُ وَإِنْ فَدَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا عَادَ كَمَا كَانَ، وَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَقَطْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا فُدِيَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ.
(وَلَهُ) أَيْ الْوَارِثِ وَمِثْلُهُ مُوصًى لَهُ بِرَقَبَتِهِ دُونَ مَنْفَعَتِهِ (إعْتَاقُهُ) يَعْنِي الْقِنَّ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَلَوْ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ مِلْكِهِ نَعَمْ يَمْتَنِعُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَكِتَابَتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهَا لَوْ أُقِّتَتْ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِنَفَقَةٍ أَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِذَلِكَ صَحَّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا وَكِتَابَتُهُ لِعَدَمِ عَجْزِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَتَأَمَّلْهُ وَكَالْكَفَّارَةِ النَّذْرُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ، وَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَمُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْوَارِثِ أَيْضًا وَطْؤُهَا إنْ أَمِنَ حَبَلَهَا، وَلَمْ يُفَوِّتْ بِهِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةً يَسْتَحِقُّهَا فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْهُ امْتَنَعَ خَوْفُ الْهَلَاكِ بِالطَّلْقِ وَالنَّقْصِ وَالضَّعْفِ بِالْحَمْلِ أَمَّا وَلَدُهَا مِنْ الْوَارِثِ فَحُرٌّ نَسِيبٌ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يُشْتَرَى بِهَا مِثْلُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ وَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ فَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَاطِئَ بِشُبْهَةٍ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَكُونُ حُرًّا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مِثْلُهُ كَمَا ذُكِرَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَارِثِ وَمِثْلُهُ الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ (نَفَقَتُهُ) يَعْنِي مُؤْنَةَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَمِنْهَا فِطْرَةُ الْقِنِّ (إنْ أُوصِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ، وَيَصِحُّ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ إنْ أَوْصَى الْمُوصِي (بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً)؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الْمُدَّةِ.
وَفِيمَا إذَا أُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ سَنَةً ثُمَّ آجَرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَنْفَعَةُ السَّنَةِ الْأُولَى، وَقَدْ فَوَّتَهَا وَعَلَى تَعَيُّنِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَجَبَ لَهُ إذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بَدَلَ مَنْفَعَةِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي تَلِي الْمَوْتَ، وَإِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّ فَوَاتَ حَقِّهِ بِغَيْبَتِهِ، ثُمَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ بَحْثَهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ لَهُ سَنَةً مِنْ حِينِ الْمُطَالَبَةِ (وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَفْتَى صَاحِبُ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ وَإِنْ عَتَقَ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْأَبَدِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرِ لِانْتِهَاءِ مِلْكِ مَنَافِعِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَسْرَارِ وَخَالَفَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ وَالسَّبْتِيُّ فَقَالَا بَلْ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ إذْ لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنْ مَوَانِعِ نَحْوِ الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ اسْتِغْرَاقَ الْمَنَافِعِ. اهـ.
وَقَوْلُ الْهَرَوِيِّ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الرَّأْيَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا، وَمَحَلُّهُ إنْ زَادَ اشْتِغَالُهُ بِهَا عَلَى قَدْرِ الظَّهْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ لِمَالِكِ مَنَافِعِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنِّهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْوَارِثُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْوَارِثِ السَّابِقِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ (إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ وَلِلْمَفْعُولِ أَيْ إنْ لَمْ تُؤَبَّدْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَتِهِ (كَ) بَيْعِ الشَّيْءِ (الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ وَأَفْهَمَ التَّشْبِيهُ أَنَّهُ لَابُدَّ هُنَا مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُدَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِبْدَاءُ ابْنِ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ بَحْثًا لَعَلَّهُ لِعَدَمِ كَوْنِ هَذَا نَصًّا فِيهِ وَإِلَّا كَالْمُقَدَّرَةِ بِحَيَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ أَيْ لَا لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ وَلَوْ بِإِطْلَاقِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ) إذْ لَا فَائِدَةَ ظَاهِرَةٌ لِغَيْرِهِ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ إنْ اجْتَمَعَا عَلَى بَيْعِهِ مِنْ ثَالِثٍ صَحَّ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيهِ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ حِينَئِذٍ.
وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِفَائِدَةِ الْإِعْتَاقِ كَالزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ أَحَدٌ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ مَنَافِعِهِ، وَهُنَا الْمُوصَى لَهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ صَارَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرِيدِ شِرَاهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي ثَالِثِ شُرُوطِ الْبَيْعِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ إلَّا لِلْمُوصَى لَهُ فَأَسْلَمَ الْقِنُّ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثُ كَافِرَانِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ، وَيُسْتَكْسَبُ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى بَيْعِهِ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ أَبَدًا فَأَسْلَمَ الْقِنُّ فَهَلْ يُجْبَرُ الْوَارِثُ الْكَافِرُ عَلَى بَيْعِهِ لِلْمُوصَى لَهُ إنْ رَضِيَ بِهِ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ ذُلِّ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ الْمُوجِبِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ لَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ فَإِنْ قُلْت يَشْكُلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ مَا مَرَّ أَنَّهُمَا لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ تَرَاضَيَا.
قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقِنَّيْنِ مَثَلًا مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ فَقَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّقْوِيمِ لَا إلَى غَايَةٍ بِخِلَافِ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ هُنَا فَإِنَّهُ تَابِعٌ فَسُومِحَ فِيهِ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ مِنْ غَلَّةِ أَرْضِهِ كُلَّ سَنَةٍ كَذَا لِمَسْجِدِ كَذَا مَثَلًا، وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ بَعْضِهَا وَتَرْكُ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمُعَيَّنُ لِاخْتِلَافِ الْأُجْرَةِ فَقَدْ تَسْتَغْرِقُهَا فَيَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهَا لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ.
وَفِيمَا إذَا قَالَ بِمِائَةٍ مِنْ غَلَّتِهَا فَلَمْ تَأْتِ الْغَلَّةُ إلَّا مِائَةً فَقَدْ تَعَارَضَ مَفْهُومُ مِنْ وَمَفْهُومُ مِائَةٍ فَمَا الْمُرَجَّحُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ لَا تُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَهَا وَمِنْ قَدْ تَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي: ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي أَنَّهُ يَشْمَلُ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ، وَتَكُونُ مِنْ لِلِابْتِدَاءِ وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَيُجْبَرُ عَلَى نَقْلِهَا لِمُسْلِمٍ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ كَافِرٌ مُسْلِمًا عَيْنًا، وَقَدْ يُفْهِمُ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُؤَبَّدَةِ إلَّا لِلْوَارِثِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِ حَقِّ نَحْوِ الْبِنَاءِ أَوْ الْمُرُورِ، وَقَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ قَوْلُهُمْ لَوْ جَنَى فَفَدَى الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ نَصِيبَهُ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ إنْ فُدِيَتْ الرَّقَبَةُ فَكَيْفَ تُبَاعُ الْمَنَافِعُ وَحْدَهَا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَعْقُولٌ صَرَّحُوا بِهِ فِي بَيْعِ حَقِّ نَحْوِ الْبِنَاء كَمَا تَقَرَّرَ وَبِأَنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا بِالْإِجَارَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَحْضَةَ إنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِي مُؤَقَّتٍ بِمَعْلُومٍ، وَالْمَنْفَعَةُ هُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ الْوَارِثِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ لِضَرُورَةِ الْجِنَايَةِ فَسُومِحَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ فَأَعْتَقَهَا مَالِكُهَا لَمْ يَعْتِقْ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ بِالْمِلْكِ صَارَ كَالْمُسْتَقِلِّ أَوْ بِمَا تَحْمِلُهُ وَقُلْنَا بِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَسْتَغْرِقُ كُلَّ حَمْلٍ وُجِدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ وَلَوْ بِحُرٍّ فَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ أَوْلَادَهَا أَرِقَّاءُ، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ انْعِقَادَهُمْ أَحْرَارًا.
وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَهُمْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِمْ الْآتِي فِي الْعِتْقِ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ لِغَيْرِ الْمُعْتَقِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَعْتِقْ بِعِتْقِ الْأُمِّ فَعُلِمَ أَنَّ الْوَجْهَ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ يَمْنَعُ سَرَيَانَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ) مَثَلًا (كُلُّهَا) أَيْ مَعَ مَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا) أَوْ مُدَّةً مَجْهُولَةً؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ وَلِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ بِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى آخِرِ عُمُرِهِ فَيَتَعَيَّنُ تَقْوِيمُ الرَّقَبَةِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا فَإِنْ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ لَزِمَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ فَلَوْ سَاوَى الْعَبْدُ بِمَنَافِعِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشْرَةً اُعْتُبِرَتْ الْمِائَةُ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ وَفَّى بِهَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَفِ إلَّا بِنِصْفِهَا صَارَ نِصْفُ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهَا أَنَّهُمَا يَتَهَايَآنِهَا (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً) مَعْلُومَةً (قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ) قُوِّمَ (مَسْلُوبُهَا تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ)؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةُ لَهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ.
فَإِذَا سَاوَى بِالْمَنْفَعَةِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ تِسْعِينَ فَالْوَصِيَّةُ بِعَشْرَةٍ فَإِنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا كَانَ وَفَّى بِنِصْفِهَا فَكَمَا مَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْكَلَامُ فِي الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَنَافِعِ فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِهَا كَلَبَنِ شَاةٍ فَقَطْ قُوِّمَتْ بِلَبَنِهَا ثُمَّ خَلِيَّةً عَنْهُ أَبَدًا أَوْ إلَى الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ إنْ ذَكَرَهَا وَنُظِرَ فِي التَّفَاوُتِ أَيَسَعُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا، وَلَوْ أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ لَمْ تُحْسَبْ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ مِنْ الْمَنَافِعِ كَالتَّالِفَةِ فَلَا قِيمَةَ لَهَا أَوْ بِالْمَنْفَعَةِ لِوَاحِدٍ وَبِالرَّقَبَةِ لِآخَرَ فَرَدَّ الْأَوَّلُ رَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَارِثِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَلَوْ أَعَادَ الدَّارَ بِآلَاتِهَا عَادَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ يَعْنِي الْقِنَّ) أَيْ قَدْ يُوهِمُ الْمَتْنَ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ وَكَالْكَفَّارَةِ النَّذْرُ عَلَى الْأَوْجَهِ) جَزَمَ بِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَيْ بِأَنْ نَذَرَ إعْتَاقَ عَبْدٍ فَلَا يَجْزِيهِ إعْتَاقُ هَذَا عَنْ هَذَا النَّذْرِ.
(قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ حَبَلَهَا إلَخْ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَفُ الدَّابَّةِ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ) فِيهِ أَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْمُوصِي الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ.
(قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى) تَقَدَّمَ خِلَافُ هَذَا عَنْ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا عَبَّرَ بِالْخِدْمَةِ فَكَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْخِدْمَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَتَقَدَّمَ تَجْوِيزُ الشَّارِحِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَبَ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَبَّدْ) وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ ظَاهِرَةٌ) إشَارَةٌ إلَى الْفَائِدَةِ بِاسْتِحْقَاقِ النَّادِرِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ) بَقِيَ أَنَّ كُلًّا لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَبَيْنَ مَنَافِعِهِ) أَيْ الزَّمَنِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى بَيْعِهِ) أَيْ وَإِنْ صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي إشْكَالَ صِحَّةِ بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اُغْتُفِرَ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ) بِهَذَا يُفَارِقُ بَحْثُهُ الْإِجْبَارَ فِيمَا بَعْدَهُ.